اتقِ رفق الحياة

0
976

من قبل الأزهر المبارك

ما هو ذلك الشعور الذي يغيّرك، و يجعل منك شخصًا آخر؟

ما زلت أنت ذاتك، الكائن الذي تحبه و تهتم لأمره، لكنك مُثقل بهمٍ قد يُودي بك للهلاك. قد تصل إلى العدِم، و تتمنى لو أنك تكفّ عن الحركة أو تتمنى أن العالم من حولك يتوقف قليلًا، ويلتفت لما حلّ بك. بودّك أن تقف بين عابري الشارع، والمارين بالطريق، والمستريحين على الشاطئ، وتخبرهم بوجعِك، أن تحكي لهم عجْزك عن فِعل ما تريد، وجهلِك بما تريد فعله. تحدثهم عن غُربتك الروحية بين من تحبهم، عن ضياعك رغم أنك متواجدٌ بينهم، عن حنينِك لذاتك، و شِعرك و صِباك الطفولي الذي هرِمت بعده كثيرًا، و تأذّى منه قلبك.

عليك أن تتقِ رِفق الحياة بك، إنها تزجّ بك إلى الصعاب حين تنوي في عمق حاجتك الاعتدال فيها. و تشيح عنك حين تطلب رضاها. إنها تتحداك حين تستمر بالأمل، حين تعصيها بعدم يأسك. تصرّ على إيذائك بشدّة، حتى لو كنت مستعدًا مسبقًا لصفعتها.

قد تهديك رفيقًا جديدًا، حكمةً ثمينة، كتابا تتعلم منه كيفية تجاوزك للأيام التعيسة، وبابًا تستطيع إغلاقه في وجه من يحاول اقتحام خصوصية تفاصيلك لبعثرتها، والعبثَ بها. قد تمنحك القوة لمواجهة الناس بعد عزلةٍ طويلة شعرت خلالها أنك عُدت أنت، الكائن الذي كنته أنت قبل الاحتكاك القبيح بمحيطك الملوّث بحماقاتٍ عديدة، لا تناسبك، لا تروقك، ولا تستطيع تغييرها.

و في مرحلةٍ لا تتكرر من حياتك، تصنعك الأيام لتتعوّد على الخسارة. تُفقِدك كل شيء، تستنزفك وتستفزّك حتى آخر شهيقٍ منك، ولا تسمح لك بالزفير. تظن أنك مفارقٌ لثِقل ما حلّ بك، لكنك تفاجئك بأنها تستعيدُك، تُرجعِك إليها، تُشعرك الألم بمذاقٍ مختلف، تتواطأ مع كل شيءٍ حولك لهزيمتك، وكأنك كنت تتوقع الانتصار – وحيدًا-. تكثّف ثقلها عليك، تحرقك، تهينِك، تخنقك حيًا، تضيّق عليك، وتستمر تستمر حتى إن قررت الاستسلام.

تشكّلك الحياة كيفما تريد، و يُحزنك أن هذا لا يصبّ في مصلحتها، ولا يصالحك معها. تعتقد أنها انتهت مما تفعلُ بك حين تبدأ أنت في التخلي عمّا كنت تريده، عمّا كان ينقذك منها لتتابع السير فيها. و من هنا، من هذا الاعتقاد الذي لا تستطيع الإقرار بصحّته أم بسُخفه، تبدأ المرحلة الأهم من سيرتك الشخصية، واختَر كيف ستواجه كل ما هو آتٍ.

إنها لم تنَل منك بعد.

This story was originally published on March 16, 2015. It was re-uploaded on Dec. 24, 2020. The photo that accompanied this story was lost due to the loss of the domain name.