الروح القيادية

0
1001

بقلم: شيماء علي جاسم

ترسم لنا الحياة حكاية قد تكون طويلة بمجرياتها، غامضة بشخصياتها، ولكننا متشوقون لتصفحها وعيش لحظاتها وتذوق مر وحلاوة أحداثها.

 اختلفنا، كافحنا، وتميزنا، وصار لكل فرد حكاية مستقلة رسمت له مجرى حياته، فكل منا له أحلامه، أهدافه، وطموحاته التي يسعى لتحقيقها.

جميلة هي الحياة عندما تقطنها أرواح فريدة من نوعها، تضيف للحياة معنى آخر، فهي كالشمس التي تشرق بالجد والعمل، وأشعتها تسدل خيوطا لتلون الحياة بالتفاؤل والأمل.

الحياة معانيها كثيرة، ومبادئها عظيمة، والمسؤولية نبض يحيي هذه الروح ويجعلها تنظر إلى الحياة بمنظور من الحكمة والعدل والمساواة، لقوله صلى الله عليه وسلم” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته “.

ماهي هذه الروح؟ وما أعجب ألا نتحلى ببعض من صفاتها!

عندما تتصادم الشجاعة بالثقة تنبني روح معطاءة، تذوقت كل أنواع العذاب للوصول إلى مبتغاها، وتحقيق أحلامها، سنة وسنة وسنوات من العطاء، لا تعرف فيها معنى للشقاء سوى العمل والمثابرة، والصبر للمحافظة على منزلتها ومكانتها، فهذه الروح تعيش لأجل النجاح، ونجاحها دائما يظهر بطلة جديدة ، طلة مختلفة ، فتارة تكون مبتكرة ، فتبتكر كل ما هو مثير وجديد ، وتارة أخرى تكون مثقفة ، فتسعى لتعلم المزيد والمزيد.

هي روح قيادية جعلت كتاب الله دليلها الذي يرسم لها خطى تؤدي بها إلى النجاح، هي روح حكيمة نقشت للعلم مكانا ساميا في جوارحها، فتنفست الثقافة وجعلتها نبراسا ينير ظلام الجهل والتخلف، هي روح منظمة، الوقت عندها كالسيف، وعقاربها لا تتحرك إلا بدقة وانتظام. هذه الروح لا يوجد في حياتها معنى للمستحيل، لذا أعلنت بأنها سوف تتحدى المجهول، وتواجه الصعاب، وتسير واثقة الخطى على المسار التي بنيت عليه حياتها.

ولكن لو توقفنا لبرهة وأمعنا النظر جيدا لتفاجأنا وانبهرنا بأننا نعيش في زمن أصبحت فيه هذه الأرواح موجودة بقلة، وبمعنى أصح بندرة، لماذا؟ وهل هناك من سبب وقف حائلا في سبيل تكوين مثل هذه الروح المثالية ؟!

لاشك أن التربية تقف سببا قويا في المقام الأول، فشتان بين قلوب نشأت على حب الرحمن وطاعته ، وبين قلوب نشأت غارقة في ظلام الضياع والعصيان والجهل ، للأسف بعضنا يعتقد أنه بالغلظة والقسوة يستطيع أن يمسك زمام الأمور ويتحكم بها، ولكنه مفهوم خاطئ !

الشخصية القيادية هي التي تلبس ثوب البساطة لتظهر فيه بين الناس، إنه ثوب منسوج بالرحمة والحكمة والعقلانية، تعطي ولا تنتظر الأخذ، تعلم ولاترتجي عبارات الشكر والعرفان، روح حكيمة حكيمة، خطاها سديدة.

ليس هذا وحسب، بل إنها روح شجاعة، تحارب في سبيل الحق، ولا تخاف في الله لومة لائم . تجابه الصعاب، وتخوض مضمار الحياة بكل قوة، وبكل ثقة، لترسم في سماء الكون شهادة من نجاح، ووساما من شرف.

كل منا له بصمة يتركها في جدار هذه الحياة، فلنجعل بصمتنا مميزة ومشهودة بالإنجازات والتقدم والنجاح.

كوني لنفسك روحا قيادية، واجعلي النجاح نصب عينيك مرتكزا نحو الغد، إن الحياة مليئة بالحجارة، فلا تتعثري بها، بل اجمعيها وابني بها سلما تصعدين به نحو النجاح.

 This story was originally published on June 3, 2014. It was re-uploaded on Dec. 23, 2020. The photo that accompanied this story was lost due to the loss of the domain name.